03 ديسمبر 2024 | 02 جمادى الثانية 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

الشيخ محمد الملا : إن ذكرى الإسراء والمعراج تبعث الأمل في النفوس، بأن بعد كل شدة فرجا ومخرجا

17 مايو 2015

لقد ظل رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام سنوات عديدة يطوف بتجمعات القبائل،ويتوجه بالدعوة إلى الوجهاء، ويلتقي بالتجار والركبان والمسافرين، بذل كل هذا الجهد وهو يرجو أن يجد من ينصره ويحمل معه رسالة ربه، ومع كل هذا لم يجد من ينصره، إلا القليل، وسدت كل الأبواب في وجهه، وتعرض هو وأصحابه للإيذاء والتحريض بجميع أشكاله، وخرج إلى الطائف لعله يجد من يهتدي بهديه ويلتزم دينه، فما كان منهم إلا الصد والأذى، مع شعوره بعبء المسئولية التي تحملها، والأمانة الملقاة على عاتقه، ومع ذلك لا يجد من قومه غير التكذيب والتعنت.

يتساءل فضيلة الدكتور محمد علي الملا - الداعية والمحاضر - ترى كيف كانت حالة النبي آنذاك؟ ما هو شعوره وهو وحيد يواجه كل ذاك الكيد والعنت والعداء ؟ كيف كانت حالته النفسية بعد أن مات سنده الذي كان يدافع عنه، عمه أبا طالب، وزوجته خديجة - رضي الله عنها- التي كانت تخفف عنه قد لحقت بربها هي الأخرى؟ لم يفقد الأمل ، والتجأ إلى ربه يدعوه، يستمد منه العون، ويعترف بضعفه، ويطلب رضا ربه، فقد ورد في التاريخ والسير أنه -صلى الله عليه وسلم- دعا ربه فقال: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى عدو يتجهمني؟ أم إلى قريب ملّكْتَهُ أمري، إن لم يكن بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي غضبك، أو يحل عليَّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك ".

بعد هذه الأحداث، وفي ظل هذا الوضع المرير، وتنكُّر القريب والبعيد، أذن الله بأن تكون رحلة الإسراء والمعراج؛ لتكون بمثابة خطة عمل إيمانية، وتشريعية، للدولة الإسلامية الجديدة، بما تحمله من مؤهلات ربانية، وقيم خالدة، ومشروع حضاري يسع الإنسانية جميعا، قال -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء:1
فكان في هذه الرحلة مواقف، وتوجيهات، وتشريعات، وكان أهمها الصلاة التي فرضت على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- في ليلة الإسراء والمعراج، وكان لهذه الرحلة أبعاداً تربوياً عظيمة، فمن ذلك بعث الأمل في النفوس وعدم اليأس من الواقع مهما كان، لأن المتصرف بأحوال الناس وأعمارهم وأرزاقهم وحياتهم وموتهم هو الله وحده -سبحانه وتعالى-، فيزداد المؤمن إيماناً ويقيناً وثقة بالحق الذي يحمله، والخير الذي يسعى من أجله، ولئن ضاقت عليه الأرض بما رحبت فهناك آفاق السماء، وآفاق الآخرة، وآفاق الجنة، وآفاق النعيم الذي جعله الله لعباده؛ ولئن خذلته قوة البشر فهناك قوة الله.
يقول فضيلة الشيخ: أجدر بنا اليوم أن نستفيد من هذا البعد التربوي من حادثة الإسراء والمعراج، فنحيي في النفوس الأمل، وفي الأوطان الغد المشرق، وفي المواقف الإيجابية والتفاؤل، خاصة ونحن زمن كثرت فيه الفتن والمصائب، واحتدم الصراع فيه على الدنيا، وشوهت فيه القيم والمبادئ.
قد تضعف نفوس، ويبلغ اليأس ببعضها؛ لطول الطريق، وشدة البلاء، وتأخر النصر، لكن المؤمن الواثق بربه، المتصل به، عنده أمل لا يعتريه يأس، وثقة لا يخالطها شك، بأن الله -سبحانه وتعالى- سيجعل بعد كل عسر يسرا، وبعد كل شدة فرجا ومخرجا.
ويؤكد الدكتور الملا أن الأمل هو سلاح المؤمنين عند نوائب الدهر، وتقلب الزمان،وإن في هذه الحادثة رسالة وخطابا إلى المظلومين في الأرض، أنه مهما كان الظلام حالكاً، فلا بد أن يأتي الفجر ليبدد الظلمات، وينشر النور، قال -تعالى-: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) آل عمران : 139 ،فأحسنوا العمل، وثقوا بربكم، وتوكلوا عليه، فهو نعم المولى ونعم النصير.

من ناحية أخرى، يرى الشيخ أن رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، هي بيان لأهمية المساجد كأماكن طاهرة جامعة للناس، تؤدى فيها العبادات، وتناقش فيها أمور الدين والدنيا، وتتآلف داخلها القلوب العامرة بالإيمان.
إن الأمة بخير - يقول الشيخ - ما دامت تؤدي حقوق المساجد وترعى حرمتها، وهي في عزة ومنعة ما دام أبناؤها يترددون على المساجد، ويستمدون هدى الله من منابرها، والتربية في ساحتها وبين جدرانها.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت